يزخر القطاع العقاري السعودي بفرص استثمارية هائلة، ولكن في عالم الاستثمار العقاري، هناك حقيقة ثابتة: أغلى خطأ هو الذي لا تراه.
المخاطر الخفية وغير المكتشفة في صك الملكية أو في أنظمة التخطيط قد تحول فرصة ذهبية إلى التزام مالي وقانوني كارثي.
فكيف تحمي استثمارك وتتخذ قرارًا مبنيًّا على اليقين لا على التوقعات؟ الجواب يكمن في عملية حيوية واستباقية تُعرف بـ “الفحص النافي للجهالة القانوني” (Legal Due Diligence).
هذه العملية ليست مجرد إجراء روتيني، بل هي بمثابة بوليصة التأمين الخاصة بك، والفحص الدقيق الذي يكشف عن صحة وسلامة العقار قانونيًّا قبل الالتزام بملايين الريالات، في هذا الدليل، سنستعرض أهم الخطوات التي تشكل جوهر عملية الفحص النافي للجهالة في المملكة.
الخطوة الأولى: التحقق من سند الملكية (الصك العقاري)
هذه هي نقطة البداية وأساس كل شيء، قبل أن تناقش السعر أو تفاصيل الصفقة، يجب أن تتأكد من أن الطرف الذي تتعامل معه يملك العقار قانونيًّا ولديه الحق الكامل في بيعه.
ما الذي يتم التحقق منه في هذه المرحلة؟
- صحة الصك: يجب التأكد من أن الصك العقاري إلكتروني ومُحدّث ضمن النظام الجديد، حيث إن الصكوك الورقية القديمة لم تعد معتمدة في إتمام الصفقات.
- مطابقة البيانات: هل اسم المالك في الصك مطابق تمامًا لهوية البائع؟ وهل مساحة العقار وحدوده وأبعاده المذكورة في الصك تتطابق مع الواقع؟
- خلوه من الموانع: هل هناك أي قيود أو ملاحظات مدونة على الصك تمنع أو تقيّد عملية البيع؟ (مثال: قيد قضائي، شروط خاصة بالورثة، أو كونه ضمن أملاك وقف، او مرهون…).
نصيحة حصيف: لا تكتفِ أبدًا بصورة من الصك، اطلب الرقم المرجعي وتحقق منه مباشرة عبر بوابة “ناجز” التابعة لوزارة العدل للتأكد من حالته الرسمية واللحظية.
الخطوة الثانية: التحقق من الأنظمة التخطيطية والتنظيمية
امتلاك أرض لا يعني بالضرورة أن لك الحرية في بناء ما تشاء عليها، كل عقار يخضع لأنظمة استخدام أراضٍ واشتراطات بناء تفرضها الأمانة أو البلدية التابع لها، شراء أرض بهدف بناء مركز تجاري، لتكتشف لاحقًا أنها مخصصة للاستخدام السكني فقط، هو خطأ مكلف.
أهم ما يجب التحقق منه:
- الاستخدام المعتمد للأرض: هل هو سكني، تجاري، صناعي، أم متعدد الاستخدامات؟
- اشتراطات البناء: ما هي نسبة البناء المسموح بها؟ ما هي الارتدادات النظامية؟ وكم عدد الطوابق المسموح ببنائها؟
- المخططات المستقبلية: هل هناك أي مشاريع تطوير مستقبلية للمنطقة (مثل شق طرق جديدة أو إنشاء مرافق عامة) قد تؤثر على قيمة العقار أو تحد من استخدامه؟
الخطوة الثالثة: التحقق من خلو العقار من النزاعات والرهون.
العقار السليم هو الذي يأتي بملكية “نظيفة”، أي أنه غير مثقل بأي حقوق للغير قد تنتقل معك بعد الشراء.
ما الذي يتم البحث عنه هنا؟
- الرهون العقارية: هل العقار مرهون لصالح بنك أو جهة تمويلية؟ إذا كان كذلك، يجب التأكد من وجود آلية واضحة لفك الرهن قبل أو أثناء عملية نقل الملكية.
- النزاعات القضائية: هل هناك أي دعاوى قضائية قائمة تتعلق بملكية العقار أو حدوده مع الجيران؟ الدخول في صفقة على عقار متنازع عليه قد يعني تجميد استثمارك لسنوات.
- المستحقات المالية: التأكد من عدم وجود أي فواتير خدمات (كهرباء، مياه) أو رسوم إدارية مستحقة على العقار.
الخاتمة: استثمار صغير لوقاية كبيرة.
قد يرى البعض أن عملية الفحص النافي للجهالة هي خطوة إضافية، لكنها في الحقيقة جوهر القرار الاستثماري الحكيم، إن التكلفة البسيطة التي تدفعها مقابل الفحص القانوني المتخصص لا تقارن أبدًا بحجم الخسائر المحتملة التي قد تتكبدها من صفقة عقارية سيئة.
إنه الاستثمار الذي تقوم به لتضمن أن الفرصة التي أمامك حقيقية، وآمنة، وجاهزة للنمو.
هل أنت بصدد صفقة عقارية وتريد التأكد من سلامة استثمارك؟ تواصل مع فريقنا في “حصيف للمحاماة” لنقدم لك خدمة الفحص النافي للجهالة التي تمنحك الثقة واليقين لاتخاذ خطوتك التالية.
