المحتوى الرئيسي

 الدليل القانوني الشامل للشركات التقنية الناشئة في السعودية: خمس خطوات لحماية مشروعك من التأسيس حتى النمو

 الدليل القانوني الشامل للشركات التقنية الناشئة في السعودية: خمس خطوات لحماية مشروعك من التأسيس حتى النمو

يشهد قطاع المقاولات في المملكة العربية السعودية نهضة غير مسبوقة، مدفوعًا بالمشاريع الطموحة لرؤية 2030، من مشاريع البنية التحتية العملاقة إلى التطوير العقاري المبتكر، الفرص هائلة، ولكن خلف كل مشروع ناجح يكتمل في وقته وميزانيته، وثيقة قانونية محكمة: عقد المقاولة.

في “حصيف للمحاماة”، ومن خلال خبرتنا العميقة في دعم قطاع المقاولات، لاحظنا أن معظم النزاعات التي تؤدي إلى تأخير المشاريع وتكبد خسائر مالية فادحة، لا تنشأ من سوء التنفيذ بقدر ما تنشأ من غموض وثغرات في العقد نفسه.

لذا، أعددنا هذا الدليل العملي لنسلط الضوء على ثلاثة بنود جوهرية في عقد المقاولة، والتي تشكل خط الدفاع الأول لحماية استثماراتك وضمان نجاح مشروعك.

البند الأول: وضوح “نطاق العمل” – أساس كل شيء

أكبر سبب للخلافات بين المالك والمقاول هو سؤال بسيط: “هل هذا العمل مشمول في العقد أم أنه عمل إضافي؟”. 

الإجابة الغامضة على هذا السؤال تفتح بابًا لا نهائيًّا للمطالبات المالية والنزاعات.

العقد القوي لا يترك مجالًا للتأويل. 

يجب أن يكون بند “نطاق العمل” (Scope of Work) دقيقًا ومفصلًا إلى أقصى درجة ممكنة.

ما الذي يجب أن يتضمنه بند نطاق العمل الفعّال؟

  • وصف تفصيلي للأعمال: ليس فقط “بناء فيلا”، بل وصف كامل للمواصفات، والمواد المستخدمة، ومعايير الجودة المطلوبة.
  • الإشارة إلى المستندات المرجعية: يجب أن ينص البند صراحة على أن نطاق العمل يشمل كل ما ورد في المخططات الهندسية، جداول الكميات (BOQ)، والمواصفات الفنية المعتمدة، مع إرفاقها كجزء لا يتجزأ من العقد.
  • تحديد الاستثناءات (Exclusions): ما هي الأعمال التي تقع خارج مسؤولية المقاول بشكل واضح؟ تحديد ما هو “غير مشمول” لا يقل أهمية عن تحديد ما هو “مشمول”.

نصيحة حصيف: قبل توقيع العقد، تخيل أسوأ السيناريوهات المحتملة للخلاف، وتأكد من أن بند نطاق العمل يجيب عليها بوضوح.

البند الثاني: آلية الدفعات والمستخلصات – ضمان استمرارية المشروع

التدفقات النقدية هي شريان الحياة لأي مشروع مقاولات، تأخر الدفعات لا يؤثر فقط على ربحية المقاول، بل قد يؤدي إلى توقف العمل بالكامل بسبب عدم القدرة على دفع رواتب العمال وشراء المواد.

لذلك، يجب أن يحدد العقد آلية واضحة وشفافة لتقديم المستخلصات وصرف الدفعات، لا تترك مجالًا للنزاع.

ما الذي يجب أن يحدده بند الدفعات؟

  • جدول زمني واضح: متى يتم تقديم المستخلصات (شهرية، عند إنجاز مرحلة معينة)؟
  • فترة المراجعة والاعتماد: كم هي المدة الممنوحة للمالك أو الاستشاري لمراجعة المستخلص واعتماده؟ يجب أن تكون فترة زمنية معقولة ومحددة (مثال: 10 أيام عمل).
  • تاريخ استحقاق الدفعة: بعد اعتماد المستخلص، متى يجب أن يتم صرف الدفعة بالضبط (مثال: خلال 15 يومًا من تاريخ الاعتماد)؟
  • تبعات التأخير: ما هي الإجراءات المترتبة على تأخر المالك في السداد؟ (مثال: غرامات تأخير، حق المقاول في تعليق العمل).

البند الثالث: إدارة “أوامر التغيير” – السيطرة على المتغيرات

لا يوجد مشروع يتم تنفيذه 100% كما تم التخطيط له، التغييرات والتعديلات أمر وارد وطبيعي، لكن الطريقة التي تتم بها إدارة هذه التغييرات هي ما يفرق بين مشروع ناجح ومشروع متعثر.

الاعتماد على الموافقات الشفهية لتنفيذ أعمال إضافية هو وصفة كارثية للنزاعات، يجب أن يضع العقد آلية رسمية وواضحة لإدارة أي تعديل عبر “أوامر التغيير” (Change Orders).

كيف يعمل بند إدارة أوامر التغيير؟

  1. الطلب يكون مكتوبًا: أي طلب لتغيير أو إضافة يجب أن يقدم بشكل مكتوب من المالك أو الاستشاري.
  2. دراسة الأثر: يقوم المقاول بدراسة الطلب وتحديد أثره على تكلفة المشروع والجدول الزمني.
  3. الموافقة المسبقة: يقدم المقاول عرضًا ماليًّا وزمنيًّا للتغيير، ولا يبدأ في تنفيذ أي عمل إضافي إلا بعد الحصول على موافقة وتوقيع رسمي من المالك على “أمر التغيير”.

هذا البند لا يلغي المرونة، بل ينظمها، ويضمن أن تكون جميع الأطراف على دراية تامة بالتبعات المالية والزمنية لأي تعديل قبل تنفيذه.

الخاتمة: العقد ليس مجرد ورق، بل هو أداة لإدارة النجاح.

في قطاع المقاولات، العقد القوي لا يهدف فقط إلى تحديد المسؤوليات عند وقوع نزاع، بل يهدف في المقام الأول إلى منع وقوع النزاع من الأساس. 

المراجعة القانونية الدقيقة لعقد المقاولة قبل توقيعه ليست تكلفة إضافية، بل هي استثمار استراتيجي في نجاح مشروعك وحماية أرباحك.

هل مشروعك القادم محصّن بعقد يحمي استثماراتك ويوضح حقوقك وواجباتك؟ تواصل مع فريقنا المتخصص في “حصيف للمحاماة” لمراجعة عقودك وتقديم الدعم القانوني الذي يضمن لك راحة البال.